شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
98036 مشاهدة print word pdf
line-top
شرح حديث دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين: قال -رحمه الله تعالى- في الحديث الرابع: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أتى أعرابي النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة. قال: تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان. قال: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئا ولا أنقص منه، فلما ولى قال النبي -صلى الله عليه وسلم- من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا متفق عليه .


سمعنا هذا الحديث الذي نتج عن سؤال هذا السائل يقول: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة فقال: تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان هذه هي أركان الإسلام ولما التزم بذلك بشر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه من أهل الجنة، وقال: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا هذا الرجل لا شك أنه مسلم، وقد دخل في الإيمان، وقد قرأ من القرآن، وعلم من الأحكام وعمل بما عمل به وبما وصل إليه، ولكن مع ذلك أراد أن يتزود علما، وأراد أن يكون ذلك العلم يفيده عملا صالحا، وأن يكون ذلك العمل يؤدي به إلى دخول الجنة، فسأل عن هذا السؤال، ومع ذلك ما بين له النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئا جديدا، وإنما علمه أركان الإسلام الظاهرة التي كان -صلى الله عليه وسلم- يقاتل عليها بقوله: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها .
لا شك أن هذا شيء يلزم المسلمين كلهم، كل من دخل الإسلام طولب بأركانه الظاهرة فيطالب أولا بعبادة الله تعالى وحده، أن يخلص الدين لله وأن يعبده وحده ولا يشرك به شيئا، وأن يخلص في عبادته ولا يصرف من عبادته شيئا لغير ربه، ولا شك أن هذا شرط ثقيل لقوله: وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وذلك لأنه يقتضي التقرب إلى الله تعالى بجميع أنواع العبادة لما قال: تعبد الله ولا تشرك به شيئا اقتضى ذلك أن جميع أنواع العبادة تكون خالصة لله ؛ فيخاف الله وحده ويرجوه وحده ويتوكل عليه، ويعتمد بقلبه على الله سبحانه ويرضى به إلها وربا وخالقا ومدبرا، وكذلك يستعين به في أمور دينه وفي أمور دنياه، ويدعوه دائما مخلصا له الدين، ولا يدعو غيره يهتف به دائما، وينصرف قلبه إلى ربه دائما عند الملمات.
وكذلك أيضا تكون قرباته له، فله يركع وله يسجد وله يقوم وله يقعد وله يجاهد وله ينفق وله يحج وله يعتمر؛ كل أعماله التي أمر بها يحافظ عليها ويقيمها ويخلص فيها لربه؛ وبذلك يكون حقا ممن عبد الله تعالى، ولا يصد بقلبه عن غير ربه، ولا يتعلق قلبه بشيء من المخلوقات، لا يتعلق قلبه بأية مخلوق ولا يستعين بمخلوق، بما لا يقدر عليه إلا ربه سبحانه يجعل ربه ملجأه ومعاده يعتصم به ويتحصن به، ويحترز به عن كل المخاوف وعن كل الأخطار التي تحدق به.

line-bottom